يروي أحد المعلمين المتقاعدين انه في يوم ما كان يقود سيارته فأوقفته دورية المرور، ثم طلب الشرطي إعطائه رخصتة وأوراق السيارة..
فسلمته ما طلب، وبعدها نظر إلي وقال بلهجة هادئة:
لم تكن تضع حزام الأمان يا أستاذ.
فقلت: نعم للأسف لم أكن أضعه.
- فقال لي.. أنت تعرف أن هذه مخالفة..
- فقلت نعم أعترف أنني مخطيء وأستحق استلام المخالفة.
وبعدها بدأ الشرطي بكتابة المخالفة ضدي ثم قال لي.. انت أستاذ تربوي أليس كذلك؟
فقلت.. نعم
فقال.. إذا قام طالب بالغش في الامتحان فهل سوف تسامحه؟
فقلت له.. لا
فقال.. إذاً ما هو التصرف الصحيح معه؟
فقلت.. أطبق عليه اللوائح بالطبع.
فأعطاني قسيمة المخالفة التي حررها ضدي وقال لي وهو يبتسم.. هل يمكن أن تنزل من السيارة يا أستاذ؟
وقتها انتابني شعوراً بالاستغراب لكنني نزلت من السيارة.
فإذا بالشرطي يقبل رأسي ويحتضنني، ولم أكن أفهم مما يحصل حتى قال لي..
يا أستاذ، أنا فلان أحد طلابك منذ سنوات.. هل تتذكر حين غششت من ابنك أثناء الامتحان فعاقبتنا نحن الإثنان وسحبت ورقتي وورقته وجعلتنا نرسب في الامتحان وطبقت القانون علي أنا وإبنك؟!
فمنذ ذلك اليوم يا أستاذي عرفت ان القانون يجب أن يتم تطبيقه على الجميع بلا استثناء ولو كان المخطىء ولدي!
واليوم يا استاذي أطبق أنا القانون عليك ولا أستثنيك رغم محبتي وتقديري لك!
وقتها لم أستطع أن أمنع دموعي من الانهمار فرحاً بان هذا الشرطي كان احد طلابي في الماضي وقد تعلم أن تطبيق القانون لا يستثنى منه أحدا..
وفجأة أخرج الشرطي مبلغلً من المال وأقسم عليا أن أقبله فأمتنعت..
فألح علي، وقال لي بنبرة هادئة:
يا أستاذي ومعلمي.. لقد طبقت القانون عليك من باب العدل، لكن قيمة المخالفة سوف أتحملها أنا من باب رد الجميل.. فانت معلمي وقدوتي.
وبعدها غادرت المكان وقد شعرت شعوراً غريباً بالسعادة الغامرة ممتزجاً بشعور الفخر ان هذا الشرطي قد تعلم العدل على يدي وحينها أدركت مدى أهمية وظيفة المعلم!